بيت ساحور في الإنتفاضة الفلسطينية الأولى
انقضت فترة العنف الثوري التي امتدت من منتصف الستينيات حتى بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987. شهدت نهاية الثمانينات تحولًا هامًا في مسار العمل النضالي الفلسطيني، حيث قادت الحركات الشعبية داخل الأراضي المحتلة، لأول مرة منذ النكبة، ثورة شعبية جارفة، محطمة بذلك الهيمنة الطويلة لمنظمة التحرير الفلسطينية على قيادة العمل الفدائي من خارج الأراضي الفلسطينية لعقدين من الزمن.
واجه الفلسطينيون تحديات كبيرة في مقاومة الاحتلال العسكري، مما دفعهم لاعتماد استراتيجية العصيان المدني خلال فترة الانتفاضة الأولى. وعلى الرغم من القمع الوحشي الذي تعرضوا له، تصاعدت روح الصمود والثورة في صدور الفلسطينيين، ما دفعهم للخروج إلى الشوارع بأعداد هائلة. في حين أن مرحلة العنف الثوري انخرط فيها أفراد مدربين عسكرياً، سواء كانوا عربًا أو غير عرب، فإن الانتفاضة الفلسطينية شهدت مشاركة جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك الرجال والنساء وكبار السن والأطفال. وبالإضافة إلى ذلك، لعبت مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني المختلفة، بما في ذلك الجمعيات والاتحادات والهيئات الأهلية والمنظمات الدينية المسيحية والإسلامية، دورًا مهمًا في ساحة الانتفاضة. لتصبح بعدها الانتفاضة معروفة باسم "انتفاضة الحجارة".
تحوّلت بعض المدن، كبيت ساحور، إلى معقل للعصيان المدني، حيث قام سكانها برفض دفع الضرائب لسلطات الاحتلا، وقاموا بحرق بطاقات الهوية الإسرائيلية التي فُرضت عليهم. وفي مواجهة محاولات الاحتلال لتحويل السوق الفلسطينية إلى قاعدة استهلاكية للمنتجات الإسرائيلية، قاطع الفلسطينيون في بيت ساحور البضائع الإسرائيلية، واتجهوا، بفطرة الفلاح، إلى الزراعة، وتقاسموا محاصيلهم مع الجيران، وقاموا بتربية المواشي وإنتاج المواد الأساسية مثل الجبن والحليب لتلبية احتياجاتهم واحتياجات جيرانهم.
رغم العنف والبطش الشديدين، تبنى المجتمع الفلسطيني قيم الشجاعة والتضامن، مما دفع إسرائيل للتفكير جدياً في الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة، اعترافًا بصمود الشعب الفلسطيني في سعيه إلى التحرير.